Canalblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

liberté

17 octobre 2010

كما في الحديقة

كما في القصيدة

الإهداء: إلى سعيدة دائما

كما في الحديقة،

يركض عطرك

إذ نوّر القلب بالمشرق المترقرق،

يركض عطرك،

ملء جناني الفسيحة،

قد يشرق الطّفل في غمرة الانتظار المعطّر،

قد تغرق الشّمس في حمرة الجلّنار المكابر،

حين تبوحين،

تجري سفائن شوقي على صفحة النّهر،

تجري سماؤك خلف السّماء المديدة،

حين تبوحين،

تشرق أرض،

و يحلم طفل،

فما أرحب الأرض

إذ يشرق الطّفل،

ما أرحب الحلم،

حين تبوحين،

ينتصر الطّفل في خاطري،

تتناثر من ورق الورد أفكاره،

و أسمع

في دافق الخطو

وقع خطاه

يؤرّخ

من ألف عام

حكاية طفل يحاول

أن يدرك الممكن،

كما في القصيدة،

أسمع وقع خطاه البليغة،

تشرق

في مشرق القول

أغنية الطّفل

تخترق الموت،

يخترق الطّفل أسلاكي الشّائكة،

كما في القصيدة،

قد يقطر الدّمع

من شمس أغنية،

قد تسمّي المسافة بيني و بيني

انتصار الحديقة

في القول،

تصويرة

تترقرق في خاطر الطّفل،

قد يقطر الدّمع من شمس أغنيتي،

فأسمّي المسافة بيني و بيني

رحيلا إلى أوّل القطر،

نوّارة تتفتّح ،

قد يقطر الدّمع

من شمس أغنيتي،

و قد يدرك العطر ما يتفتّح

من بوح نوّارة

تتفتّح في الخطوات،

و قد يطفئ الطّفل ما يتكرّر

من موج تكبيرة

تتكرّر بالمشرق المقفل .

كما في القصيدة،

قد يشرق العشب

ما بين أخطاءنا،

و يغرق

في ليل أحلامنا الشّارع المتشائل،

ما بين حلم و حلم،

تلوح البلاد حقيقيّة،

أو خياليّة،

أو بلادا

كما في القصيدة،

تأتين

من قمر يتخيّل،

تأتين حينا

من الانتظار المبلّل،

تأتين

حينا من المفردات،

و تأتين حينا

من الوردة الحالمة،

كما في القصيدة،

تأتين من شارع يتدرّج،

تأتين من مشرق يتبرّج،

تأتين حينا من الأمس،

تأتين حينا

من اللّحظة الهائمة،

و تأتين

حين يهمس

في ليل أغنيتي الطّفل،

تأتين حينا

من النّظرة الغارقة،

و تأتين حينا

من الدّمعة الدّافقة.

حمّام الأنف في 6 سبتمبر 2010

Publicité
Publicité
17 octobre 2010

أعلى من الضوء

أعلى من الضّوء

يوم 13 أوت 2010 يمر عام على رحيل والدتي المرحومة نفيسة الحوكي

فإلى روحها الطّاهرة أهدي كلّ القصائد. 

تعالى مع الموج وجه الصبيحة يهطل أعلى من الضّوء، من عتمات الصّباح، مسالك هذا الصّباح تكرّر أسئلة بعضها

لا يزال يرافق خطو الحواجز، و الماء يصعد نحو القرارة مثل صعود المطر، هكذا تتقاطع أوتار أغنيتي.

سماء الحمائم أمّي

هتاف البياض...

و ماذا؟

سؤال البدايات يفتح بوّابة الرّوح.

أصغي إلى همسات الخطى،

و اليباب انتصار المسافات ملء الهديل.

أحيط العبارة بالضّوء،

ماذا تبقّى من الضّوء؟

من وطن خارج الأرض يشبهني؟

من حروف على ثغرها تتغنّى الحروف؟

سماء الحمائم أمّي،

و أمّي الممرّ المؤدّي إلى البدء

تسرد عشب البلاد،

لها في احتفال الكلام مساحة صمت و مملكة للغياب.

و أمّي العبارة فوق الحروف و فوق الغمام.

و ماذا؟

تسيل القوافي إلى مدن يتوغّل في ليلها اللّيل،

يشبهني خوفها،

و الحكايات بحّت حناجرها و الكلام.

و ماذا؟

و تمتدّ أغنية الحبّ نحو الشّواطئ تحت السّماء الخفيضة، تخفي سفائن نظرتها في تلاوين لحن تمادى خلال اغتيال الفرح،

و بين الرّصاصات يطلع وجه الصّباح العصيّ، يفاتح بوّابة الموت حتّى انهمار النّهار، يداه يداي جناح الخرافة.

أمّي انتظار الشّواطئ،

بلّور أغنيتي،

لؤلؤ الذّات،

عطر يصوغ الرّحيل،

لها خطوات المكان،

لها خطوات الزّمان،

لها نبرة الماء،

أمّي النّدى و المدى و يقين الخطى،

ثمّ ماذا؟

سلام على الولد المتدفّق بين أصابع آلهة الرّيح،

الطّرقات ترتّل خطوه المتعالي،

فهل مات،

هل مات محتفلا أم تراه تجرّع منفاه؟

سلام على البلد المتورّم في قدمي،

سلام على من تسربل باللّيل في اللّيل،

أوقد في الجدران ظلال الشّجر،

و تكتظّ ذاكرة الطّفل،

أمّي جناح الصّباح،

تناولني الورد،

يسندني صمتها...

بكى النّخل، و اللّه أوحى إلى الطّفل صمتا تعطّره الرّوح في لغة الرّوح،

يا دمع أمّي!

سماء البلاد تصدّق أكذوبة المطر.

و صلنا إلى آخر الطّلقات الّتي تسكب الموت فوق بقايا المنازل،

خلف سياج المعاني تكثّف بوح الدّماء،

سنابل ضوء تعرّي الصّباح المعطّر،

و الأرض تحتاج أجنحة كي تهاجر هذا المقرّ.

أنا خلف ليل الشّتاء المدمّى أسمّى،

و فوق غيم التّتار أحلّق،

أمّي الجناح المعلّق،

عطر يصدّق...

أمّي انتمائي إلى ما تبقّى،

إلى مطلع الذّات،

أمّي الّذي كان،

ذاكرة النّبع،

الماء أسماؤها،

نبرة السّيل إيقاع نبضي،

تعبت من الموت،

هل أكتفي بالتماع القوافي؟

و ماذا؟

سأختار وجهها،

أختار أسئلة القمح،

أمّي النّدى ملء بوحي،

هتاف قديم يعاود معصية السّيلان ،

و مازلت أنتظر الموج،

أمّي غناء تحرّر من كفن القول،

من نبرة تتلاشى،

و ينهمر الخطو،

أمّي المدينة، نهج صريح يفيض على شفة الطّفل حين ينهض من موته المتكرّر ليركض في الخفقات قبالة هذا الزّجاج،

كما الكلمات تغيب السّفائن،

هل أرتدي شوقها؟

لا المرايا تقارب بين المنافي،

و لا نبرة اليتم تعبر خلف القوافي،

أغنّي لتعلو البلاد،

و ينتصر النّخل

هذا المؤبّن مازال يشهد أنّي قريب من الماء،

آمنت بالسّيل،

أمّي

سلام عليك،

سلام على مطر صاعد،

سلام على شجر عائم في الأناشيد،

ما بين أغنية و جناح،

يخبّئ صمت القوافي دموع الصّباح،

و يرتجل الماء بوح الخطى،

خلسة أتذكّر دمعة أمّي،

فأدرك أنّي تكاثرت في قاع صمتي،

و أدرك أنّ العبارة أعلى من الضّوء،

أمّي نهار يديم الوقوف على نبرة المطر،

و القرمطيّ المشرّد بين المراجع يدرك معجزة الموت خارج منفاه.

أمّي

نهارك أجمل من نظرات النّهار،

نهارك أعلى من الوثبات،

نهارك حبّ أغنّيه أعلى من الحزن،

أعلى من السجن في جسدي،

أتوكّأ فوق صباحي القتيل،

و آتيك معتذرا عن رحيلي،

و معتذرا لدمي و النّهار.

و ماذا أضيف؟

تعبت من الموت،

قد أعبر الغاب تحت السّماء الخفيضة،

أعلو إلى دمعك المتعالي،

نهارك حبّ أغنّيه أعلى من الوجهة المرهقة.

حمّام الأنف في 13 أوت 2010

   

17 octobre 2010

بيان الحديقة

عمر سبيكة

بيان الحديقة

نصّ شعريّ

تونس

2009

الكتاب:

بيان الحديقة

نصّ شعريّ

المؤلّف: عمر سبيكة

تصميم الغلاف:  عمر سبيكة

النّاشر: دار سنابل للنّشر و التّوزيع

ص . ب عدد 45 سليانة 6100

الطّبعة الأولى: 1000 نسخة

ر د م ك: ISBN                              

   

جميع الحقوق محفوظة للمؤلّف

تونس

2009

الإهداء:

إلى الّذين

يرفعون أغصانهم و الجماجم،

إلى الغائبين

في احتفالات الأرض و السّماء،

زمان المجاعة

غير بعيد عن تضاريس مدينتنا السّاهمة، عن ضفاف أقمارنا العائمة، غير بعيد عن سياج حديقتنا الحالمة، يزاول الغائبون حضورهم في هواجس الوردة، يتمنّون أن يعبروا السّياج المدجّج، أن ينثروا بيان الحديقة على غيهب الأرض.

غير بعيد عن سماء مضاجعنا الممطرة، تجفّ الحقول، و تركض الأشجار خلف مساحات من الأمنيات القاحلة.

غير بعيد عن مدارات أفراحنا، يزاول الميّتون حزنهم و الغرق، غير بعيد عن منابر أيّامنا العارمة، عن جداول أنهارنا الهائمة، يلهث الظّامئون خلف عباب يتألّق في مرايا الغياب.

غير بعيد عن بهرج ساحاتنا، عن حفلة أصواتنا، تخفت الأشجار

و الأمطار، ترفع الأغصان جماجم جائعة تتوجّع، تتألّق أنّاتها

و البياض العميد، تذوب السّماء و الأرض و الماء و الأشياء على راحة الطّفل.

مازال أنبياء السّلام يقرئون قتلاهم سلام الدّبّابات و القاذفات، في عالم قانت يتبتّل، مازالت الدّول العظمى تضيف إلى غيهب الجوع دمارا عظيما، و تضيف إلى الأفق الأحمق قدّاسها العسكريّ.

مازال الشّعب الغائب في احتفالات الأرض و السّماء يتساءل في مهبّ اليقين، يتضاءل في انتظار المحطّات، في الأسواق، في الشّوارع، في السّاحات، في مهبّ الحياة.

مازال الشّعب الذّائب في احتفالات الأرض و السّماء يبدّد غيبوبة الماء في نظرات الجليد.

مازال شيخ قاحل النّظرات يقلّب وجهه في السّماء، مازال يحاول أن يصدّق أكذوبة المطر، و يخفت ملء احتفال الجنود، إلى آخر الطّائرات.

مازال طفل نحيف يفترش الرّصيف، و يستدرّ العابرين، مازال طفل كسيح يرتدي أيّامه الرّثّة، مازال يرفع أجنحة أحلامه الخافتة، مازال يوزّع ابتسامته على الوجوه الباهتة.

مازالت امرأة دامعة النّظرات، تجلس القرفصاء و تنتظر، مازالت امرأة جائعة تحضن أطفالها الجائعين، و تنطفئ، ينطفئ الأطفال ملء اشتعال الوعود.

مازالت امرأة غائمة النّظرات و الخطوات تجمع أشلاءها،

و تنهض، تنهض من صمتها الكلمات، و تنهض من موتها الأمنيات.   

لكأنّها تحاول أن تبيّن للماء، للشّجر الذّاهل، للجدران، للإسمنت المسلّح، للإسفلت الدّامع أبعاد مأساتها، لكأنّها تحاول أن تبيّن للقبور، للأفق الغابر، للصّخور ما بان من موتها و الغرق، لكأنّها تنطفئ ملء اشتعال الوعود.

غير بعيد عن ظلال أشجارنا الوارفة، عن صباحات مدائننا الزائفة، عن الأرض و السّماء، يلتحف الغائبون العراء، و يأتون من كلّ فجّ عميق، يتدافعون خلف خيوط الضّياء، يتدافعون أمام بوّابات مغلقة، يتدفّق من نظراتهم ظمأ و اختناق، يتدافعون، و لا يعبرون إلى عتبات الحياة.

في الطّريق إلى المدرسة النّائية، يمرّ أبناء القرى المجاورة قدّام مدرسة ممنوعة العتبات، غائمة نظراتهم و المسافات، غائمة خطواتهم، يمرّون قدّام ملعب للأطفال، يرتاده أبناء مدينة النّاس، تسحقهم طفولتهم

و الرّؤى، يمرّون قدّام مأدبة تفوح منها الرّوائح شّهيّة، تطحنهم عجلات المجاعة و الجوى.

في الطّريق إلى المدرسة النّائية، يمرّون قدّام واجهات من زجاج، يمرّون قدّام المرايا، تنطفئ أطيافهم بالمرايا، تغرق أقدامهم في السّديم، و تغرق أحلامهم في أقاصي الظّلام، و لا يصلون إلى المدرسة النّائية.

حان زمان المجاعة، و انطفأت في القسمات احتمالات الحياة، انطفأت في الصّدى السّقسقات، انطفأت في المدى احتفالات الجناح، انطفأت على شرفات الصّباح التّباشير، انطفأت في سماء المشارف الرّايات، انطفأت في النّظرات، في الكلمات، في الخطوات السّنابل، انطفأ النّاس في حفلة النّاس، و انطفأ الرّغيف.

حان زمان المجاعة، و انطفأت في رقصة الشّجرات الظّلال، انطفأت في خيال الحديقة حشرجات الشّقائق، و امتدّ في الخطوات الهشيم، امتدّ في الغمغمات الغمام، امتدّ في الظّلمات الظّلام، و انطفأ الحبّ.

سلام!

على عتبات النّصّ.

الحبّ حرّيّتي الأولى. 

إلى سعيدة دائما

أسيح على هذه الأرض

خلف دمي السّارح

في انطفاء المسارح،

أعلو

إلى نمش الضّوء

في نظراتك،

ينبجس الطّفل

من نظرتي المشرئبّة،

لولاك

لانطفأ القلب،

لولاك

لانطفأت خفقتي الصّادحه،

السّماء البعيدة ذاكرة العاشق،

يتمادى احتراق الشّقائق،

أعلو

إلى فكرتي،

فكرة الورد،

حريّة الانتماء

إلى الأفق العابق،

يقين الحديقة

حرّيّتي

أن أصوغ انطفائي على أفق الورد،

حرّيّتي

أن أصوغ مدوّنة الصّمت خافتة،

ربّما

يتقن الشّعراء الغناء

على هوّة

في أعالي الصّدى،

و قد يتقنون البكاء

على شاطئ غابر يتهدّل،

لكنّني

سائر في امتداد البياض العميد

إلى وجهك المتألّم،

لولاك

لاحتفل العدم

في عنان القصيدة،

سوسنتي السّرمديّة،

ألحبّ حريّتي، 

أولّ الأغنيات النّجيّة،

لولاك

لانطفأ الماء،

لولاك

لانطفأت نجمتي السّارحه،

في الطّريق إلى حفلك

و اليقين،

يرافقني القمر الذّائب

في الضّياء الأثيل،

يرافقني

وجهك السّارح

في مرايا الرّحيل،

يرافقني عطرك الصادح

في انطفائي الجميل،

يرافقني الفقراء،

يرافقني الغائبون،

يرافقني الظّامئون،

يرافقني الجائعون،

يرافقني الشّجر الهائم،

يرافقني الحبّ

ذاكرة للزّمان المكان القتيل.

يرافقني الياسمين،

يرافقني الأمس

لمّا انتصرنا،

و لمّا احترقنا،

و لمّا اخترقنا جدار السّراب،

يرافقني الموت،

حريّتي

أن أكون غريبا بهذا الخراب.

خذيني

إلى حفلك الوارف،

خذي قمري،

و انثري ما تيسّر من غيابي

على عشبك الواثب،

خذي خفقتي الصادحه،

خذي نجمتي السّارحه،

و انثري

ما تهلّل من سمائي

على غيهب الأرض،

لا شيء يوجعني

غير قافية

لا تتذكّر ما قاله القلب.

حمّام الأنف 22 سبتمبر 2008

بيان الحديقة

خيوط الهفا

أفق خافت يتمادى،

يدفّ الثّرى،

يطلق الفقراء خيال حديقتهم

و المداد العميد،

يصوغون في كلّ ساح صباحا من الأقحوان

تهيم تضاريسه

و السّراب

على صفحة الجدول الغابر،

يتأنّـى الأنـى المتبقّي من الطّفل،

تلهو الحديقة،

تلهو الدّمى في ذرى الدّمن،

تهطل الرّوح،

و البوح

ينساب من غربة النّهر،

مازال قلبي يسابق أقماره،

و من ألف عام و أكثر،

مازلت

أحمل باقة ورد

و أصعد

نحو انتظار الحبيبة،

مازلت

أحمل باقة ورد

و أصعد

نحو سماوة إصغائها،

عشيّة عيد الحقيقة،

أحمل باقة ضوء

و أصعد نحو سماء القرارة

في حفلها الشّاهق،

عشيّة عيد الحياة،

تريق سماء الحبيبة

رقراق راياتها،

فأخجل

من مسحة الحزن

في بوحها،

و أخجل

من دمعة الطّفل

تنساب

في أدمع الغائبين

على خدّها.

و من ألف عام و أكثر،

مازلت

أمشي على حافّة الأرض

محتفلا بالولادة،

أعبر سوق المدينة،

مزدحما بتصاوير ينحتها العدم،

و مازال

فوق سماء الجنوب البعيدة،

طفل يسابق أقماره

و المدى يتهدّل،

مازال يفتح كرّاسه

و الرّماد،

و مازال يطلق أقلامه

و المداد العميد،

تسيل على خدّه الاحتمالات،

اليوم عيد الحياة،

سأحمل باقة ضوء

لأطفئ ليل العذابات،

أعتذر

للحبيبة

حين

يخاتل بسمتها الفرح المعلن،

و حين

تريق سماء الحديقة

دفّاق أشواقها،

سأعتذر

لها،

حين تعلو السّماء إلى غيهب الأرض،

تغرق في ألق الماء

كامنة في انطفاء البقايا.

على عتبات اللّقاء،

تريق سماء الحبيبة إشراقها،

و تشهق

في دمعة امرأة

تترجّل صحراءها.

وحيدا

أصوغ انسيابي

على صفحة الجدول الذّائب

في انطفاء الهواجس،

في أفق الصّيحة القاحله،

و تدنو سماء الملامح

من صيحتي،

تريق سماء الملامح

رؤيا الفجيعة،

مازال ليل المجاعة

يرفع راياته

في انبلاج المشارف،

مازال

خلف المدى شبح خافت

يتوجّع،

من ألف عام و أكثر،

مازلت أوقد

في قولة الماء،

في الهمهمات

صباحا من الأقحوان

تهيم تضاريسه

و السّراب،

و ينساب همس الغوادي،

و ينساب همس الرّماد

يقينا،

كأنّ صداه

يصارح غيبوبة البيد،

من ألف عام و أكثر،

مازلت

أنهض من تربة تتوجّع،

يمتدّ صوتـي إلى آخر السّقسقات،

يمسّد سلساله السّيل،

يمتدّ ظلّي إلى آخر الشّجرات،

يخاتل تمثاله الظّلّ،

يمتدّ صمتي إلى آخر الخطب،

سأعتذر

للرّماد،

و أعتذر

للمداد العميد،

و أعتذر

للبياض السّعيد،

سأعتذر

للحديقة عن طلقات النّهار الّذي لم يغب،

و أعتذر

للحبيبة عن عبث الموت بالفرح المستتر.

وحيدا أصوغ طريق المحبّين،

أسرح خلف دمي السّارح

في مسارح غربته،

الطّلقات

تؤجّ على صفحة الجدول الذّاهل،

و ثمّة فوق السّماء السّحيقة،

رحّالة يحملون المشاعل،

ثمّة رحّالة يفتحون المجاهل،

  ثمّة

رحّالة يطلقون السّؤال المؤجّل،

ثمّّة

رحّالة يحملون الضّحايا على عربات الجنود 

إلى ما وراء الظّلال،

و ثمّة فوق سماء القتال

ورود مسمّرة

بالبياض العميد،

على هذه الأرض

أمشي غريبا،

و تجري الينابيع خلف يقيني

محمّلة بالوصايا،

هو الحبّ

أوّل ما قاله القلب ثمّ تدلّى،

هو الحبّ

أوّل ما قاله الطّفل

ثمّ استوى مؤمنا ببيان الحديقة،

مفعمة نظراته بالسّؤال المؤجّل،

في البدء،

التمع الماء،

من ألف عام و أكثر،

مازلت أصغي عميقا

إلى قولة الماء،

من ألف عام و أكثر،

مازلت

أصغي إلى القلب يهمس،

يلمس أقماره،

و مازلت

أبحث في حشرجات الحديقة

عن قمر

يتسلّق ذاكرة الطّفل،

من ألف عام و أكثر،

مازلت أبحث عن قمر

يتذكّر ما قاله القلب،

تعلو السّماء إلى غيهب الأرض،

مازالت الأرض دامعة،

و المجاري

تصوغ احتمال الحياة،

تلاشت على فنن شاهق في سماء الوقار سماء العصافير، ذاب طريق الصّباح وراء المجاهل، ذاب الضّياء كحلم يذوب على لجّة الكوكب الآفل، و هام خيال الحديقة، تدمي أزاهيره الخطوات الغريقة، هام الطّريق على صفحة الجدول الهائم، السّماء دم يتبسّم، يفعم شبّاكه المفعم، يتبيّن وجه القتيل، و لا يتبيّن ملء انطفاء البياض يد القاتل.

و من ألف عام و أكثر،

مازلت

أبحث بين الرّسائل،

بين سيوف القبائل،

مازلت

أبحث في حشرجات الشّقائق

عن قمر

يتسلّق غيبوبة الماء،

مازلت

أبحث عن قمر

يتسلّق ذاكرة الطّفل،

مازلت أبحث

عن قمر

يطفئ الظّلمة الشّاهقه،

و مازلت

أعلو إلى غيهب النّهر،

و الطّفل

مازال يعلو

إلى وجهه الغابر

في مرايا الصّباح المبدّد،

يفشي صباحة غربته،

و يذلّل ممشى السّماء البعيدة،

مازال يرفع أغصانه

و الجماجم،

مازال يركض

في ساحة المطر الغائبون،

و مازال

يركض في حفلة المطر الطّفل،

ينحدر الغائبون

إلى سدرة

تعتلي أفق المطر،

يخفت الطّفل،

يغمض شبّاكه الغامض،

و ينحدر البوح

من ظمإ،

من علوّ

يليق بأسئلة الماء،

ينحدر الماء

صوب المجاري العليّة،

ينحدر الماء

من قاع مرثيّة

تتعدّد راياتها

في احتفال المشارف.

لا ضوء

يعلو أمامي،

و لا ضوء يعلو

إلى أفق مرهق

يعتليه سؤال المحقّق،

لا ورد يذبل

في صيحة

تحتسيها سياط المحقّق،

منذ الصّباح،

و حتّى انطفاء الشّقائق،

هل يتمادى احتفال السّياط على جسدي؟

و هل يتمادى احتفال الرّذاذ

على عتبات البياض المبدّد؟

هل

يتمادى اضطرام الرّماد؟

سأعتذر

للحبيبة

عن موعد مقمر في دمي،

سأعتذر

لها عن غروبي،

سأعتذر

لها عن حروبي الّتي و الّتي و الّتي،

سأعتذر

للحبيبة

حين يخاتل دمعتها

مطر يتألّق في نظرات الغياب،

و حين يخاتل بسمتها

أفق يتبسّم في لمعان السّراب،

سأعتذر

للحبيبة

حين يخاتل دمعتها القفر.

مازال ليل المجاعة

يشنق أسحاره،

كلّما

عسعس اللّيل،

تعلو المجاري

إلى هوّة

ترتمي في سماء الغياب،

لعلّك

حين تطلّ على النّهر،

تصغي إلى همهمات الجياع،

لعلّك

حين تطلّ على النّهر،

يلمع

في الصّدر لألاء ظلمائهم،

و مازال

سور الحديقة أعلى من الوثبة القاحله،

و مازال ظلّك أعلى من الشّجرات،

و مازال قلبك

يهمس،

يلمس أقمارهم

حين تعلو السّماء إلى كفّك العاليه،

و حين

ترفرف راياتك،

تصارح أسحارهم،

لعلّ ندى الأمنيات يبلّل أشجارهم،

يتلألأ في لسعة الجوع،

يمتدّ عند انطفاء البيارق صمت

يعانق صيحتك العارمه،

يتمادى احتفالك،

أنت المدى

مطر خافت يتمادى،

و أنت المدى

يتسلّق ذاكرة الطفل،

أنت المدى يتهلّل،

تفشي على عتبات الخراب

خرابك أجمل

من غربة تتجمّل،

تجمع أشلاءك

تتحرّر من موتك،

تتسلّق غيبوبة الماء

و الانتظار العليّ،

دع الماء يعلو

إلى ذكريات الشّقائق!

ينبجس الماء

من نظرة الطّفل،

ينبجس الطّفل

من نظرة الماء،

تعلو المجاري

إلى هوّة في سماء اليقين،

و تعلو السّماء

إلى شجر الزّيزفون الحزين،

و يعلو خيال الحديقة،

يعلو البياض العميد إلى سقف أحزانه

أنت ذاكرة الماء،

تعلو إلى وجهك الغابر

في التّراتيل،

مازال قلبك يهمس،

حين تعود من الحفل،

حين تعود من الموت،

تصغي

إلى همهمات الجياع تسيل،

و حين

تطلّ على النّهر،

يلمع في الصّدر ضوء ضئيل،

و تسرح

في نظراتك

خلف سماء

تؤجّ بها الطّائرات.

و ينهار سقف المدينة،

مازال

ليل المجاعة مزدحما،

ألملامح غائمة،

و المدى

يتبيّن ما تحمل الرّيح،

تفشي الملامح أحزانها،

و الجماجم ترفع أغصانها،

و لا يخفت الحبّ!

لا يخفت الموت!

لا يخفت الماء!

تجري على الماء

أرض معذّبة،

و ينطفئ الشّبح المتهافت، ينطفئ القفر، يحتفل الغول في الأزل،

و يطلق في مجهل اللّيل جلجلة تتأجّج، يطلق في عرق الكادحين بيادر تخفق، باقات وهم تذوب، و خبزا و ماء يذوب مع الضّوء لمّا تذوب السّماء، و لمّا يذوب السّؤال العنيد على شفة الطّفل، يطلق في عرق الغائبين بيادر محفوفة بتصاوير تحترق، و محفوفة بتماثيل يسألها الألق،

و محفوفة بخرائب يغمرها الحبّ، يحترق العرق المتساوق.   

               

                 إله الحديقة يبكي،

خيوط الهفا

أفق خافت يتهدّل،

و الطّفل

يطفئ غيبوبة الظّلّ

حتّى يصدّق

أكذوبة القمر المتهلّل

مازال

يسرح خلف مسارح أسحاره اللّيل،

و الطّفل

يسرح خلف مناراته العائمه،

يتهدّج،

مازال

يسرح

خلف مسارح غربته،

السّماء حياديّة

في اضطرام هواجسه،

السّماء رماديّة

في انطفاء هواجسها،

ترفّ

على صفحة النّهر أغصانها،

و تدفّ

على صفحة النّهر أحزانه،

و مازال

يرفع جمجمة تتألّق صيحتها

في الفلاة،

و مازال يوقظ بستانه الطّفل،

تجري على الماء رؤياه،

ينبجس الماء

من نظرة الطّفل،

ينبجس الطّفل

من نظرة الماء،

لا شيء ينطفئ الآن،

لا شيء يلتمع الآن،

لا شيء ينخفض الآن،

لا شيء يرتفع الآن

خلف سياج الحديقة

غير احتمال الحياة.

تراجع مدّ المدى،

و تمادى الفتى على التّلّة الذّائبه،

و مازال يسرح

خلف مسارح صيحته الصّمت،

يسرد ذاكرة الماء،

اليوم عيد اليقين،

ستدنو من الأرض

شمس رماديّة

ترتمي

في ابتسامات أطفالها،

و ستدنو من الشّمس

أرض سماويّة

ترتمي

في سماء حرائقها،

و مازالت الأرض تحترق،

و لمّا تذكّر

ما قاله القلب،

التهب النّهر

في الغمغمات،

تراجع مدّ المدى

بالبيان المبدّد،

لمّا تذكّر ما قاله الماء،

استبق النّهر فرحته

في ابتسام الصّباح الوليد،

و ذابت على جمرة الفجر أجنحة البيد،

ذابت شظايا السّؤال العنيد،

و ما عادت الأرض

تطلق فرحتها

في التباس الهواجس.

من ألف عام و أكثر،

مازال يرتدّ صوت المحقّق،

تمتدّ

خلف أقاصي الرّماد النّوى،

و يمتدّ

خلف بقايا المبانـي المدى،

و ترتد خلف الصّدى صيحة الماء

كامنة في السّؤال المبدّد:

يا طائر الحبّ!

أشعر بالموت يخترق الصّدر!

أشعر بالخيل يستبق القفر!

هل تعب الطّفل؟

هل تعب الطّلّ

يشنق لألاءه الطّلّ؟

يحتشد الغائبون

على صفحة النّهر،

و يحتشد الجائعون

على حافّة الأرض،

تكتظّ أقمارهم

و اليقين،

يصوغون

في كلّ ساح صباحة صيحاتهم،

تتردّد في الوثبة القاحله،

في الشّذا،

في البيان المبدّد،

مازال ديك البوادي

يبدّد غيبوبة الماء

في نظرات الجليد.

يشجّر قدّاس أوجاعه الطّفل،

مازال

يركض فوق سماء الوقار،

و مازال

يجري

على حافّة النّهر

يفشي

صباحة صيحته

و الصّباح المبدّد:

يا مطرا

يرتمي في مرايا الغياب!

أعد للتّراب نبوءته!

أعد للسّماء سماوتها!

يدفّ الثّرى،

يتهلّل

في وثبة الطّفل،

مازال يعلو

إلى هوّة

في سماء المشارف،

مازال

يعلو

إلى غصنه الغائم القلب،

مازال يعلو

إلى حزنه الشّجر،

و تعلو السّماء

إلى غيهب الأرض،

ينبجس الماء

من نظرة الطّفل،

ينبجس الطّفل

من نظرة الماء،

حين تبوح التّباريح،

و الغمغمات تغمّ سماء الغد،

يوقظ الطّفل بستانه،

و يعلو إلى فكرة الورد،

مازال

يعلو إلى هوّة

في سماء الخراب الخراب،

تمدّ

على مدّه الكائنات خطاها،

تمدّ

على ظلّه الشّجرات رؤاها،

تبدّد لمّاحة البوح غيبوبة الفرح المعلن

في بيان طفولتها،

و تصوغ بيان الحديقة

أعلى من المفردات،

تغمّض شبّاكها

في انطفاء المشارف،

مازال ليل الحديقة

يسرد ذاكرة العطر

أعلى من الشّرفات العليّة،

مازال ليل المجاعة

يركض في آهة امرأة

تتوجّع،

مازال يلمع في دمعها

قمر صادح

يتذكّر ما قاله الطّفل،

مازال يسرح في الظّلمات.

أسيح

على هذه الأرض

خلف دمي السّارح

في انطفاء المسارح،

تحترق الأرض،

مازالت الأرض تحترق،

و تنشقّ

من شهقة الطّفل

قهقهة

تتردّد ملء انطفاء الينابيع،

تشهق فوق الأكفّ

سماء من الماء

تقبس رقراقها،

و يرفع راحته الدّفّ،

ألموت ذاكرة الغائبين،

و ذاكرتي الوارفه،

السّماء النّجيّة

ترنيمة السّائرين على الماء،

حرّيّتي

أن أصوغ بيان الحديقة

أعلى من السّقسقات،

و أن أحتفي بالولادة،

حرّيتي

أن أكون غريبا

على عتبات اللّقاء،

و مازال

فوق سماء القلوب العليّة،

طفل صريح يسرّح صيحته

في الشّذا،

مازال

يرفع أقلامه،

و البياض العميد،

إلى آخر الأسئلة،

تذوب الرّؤى

و القرى تتأوّه،

يرتجل الطّفل

في مهمه الصّمت موّاله.

يسيل

إلى ملمس الغائبين

غد ذائب

في محارق غربته الفجر،

يعلو دم الغائبين

إلى أبد

راسخ في هواجس فكرته القمر،

يتذكّر

ما صاغه القلب،

يركض في حفله المطر،

شبح خافت

و دم مقمر يتبدّد،

يخفت

في الشّبح الخافت الظّلّ،

مازال

يعلو

إلى غصنه الطّائر الطّفل،

مازال

يفشي صباحة نظرته

و التّباريح،

مازال

يسبح

في النّغم السّارح

في سماء المسارح،

و مازال يمرح

في قصص الغول،

مازال يسرح

في نبرة الجدّة الرّاجفه،

و يهفو

دم الغائبين،

يرفّ به الوصف،

يرخي ستائر إفصاحه القصف،

يطفو

على ظمإ الماء،

يطفو

على سدرة

تنتهي فوق أنقاضها المدن،

ترتمي في السّدف،

و تمتدّ،

  يمتدّ مدّ الجنود

إلى شاطئ مقفر الخطو

مرتجف،

يشقّ الجناح سماء المشارف،

ينسرح الشّطّ

في السّدف،

يخفت الشّبح الخافت

في امتداد الوجيف،

و يحتفل الغول،

يحتفل اللّيل،

يحتفل الطّفل،

يحتفل الماء

في قاع مرثيّة

يتألّق رقراقها

في عنان التّراب،

و من ألف عام و أكثر،

مازلت

أوقد في قولة الماء،

في الهمهمات

صباحا من الأقحوان

تهيم تضاريسه

و السّراب،

و تعلو

إلى هوّة

في سماء الجنوب القتيل النّوى،

و مازالت الأرض

تعلو.

و من ألف عام و أكثر،

مازلت أرفع أجنحة الماء،

يرفع غرقى المساءات راياتهم

في انطفاء الدّنـى،

و تشهق في مغرب الأرض أعذاق غربتهم،

و تخفت في وثبات المشارف

أشباحهم،

و ينبجس الماء من نظرة الطّفل، 

ينبجس الطّفل من نظرة الماء،

مازال ظلّه يجري على تربة

تتوجّع،

مازال يجري على حافّة الأرض،

مازال

يجمع أشلاءه، 

و يذلّل في جندل اللّيل مجراه،

مازال

يطلق

في الشّجرات البعيدة رؤياه،

مازال

يطلق

في أثر الخطوات خيال الحديقة،

مازال

ينهض من فكرة الورد،

مازال

ينهض عند انبلاج السّراب،

و ينهض

عند انبلاج السّراب

سراب.

ذوى الضّوء و النّوء في شاهق الحزن، في انطفاء البيان المبدّد، في الدّمن، و لم يبق من مطلق الرّيح في الفنن، و لم يبق من دافق البوح في ذائب الزّمن غير أمنية و تصاوير ينحتها العدم، و لم يبق من مهمه الاحتمالات غير غناء تردّد رقراقه الدّيم، و لم يبق من فكرة الوردة غير جمجمة ترتمي في اضطرام الخزامى.

هي الحرب تسرد آبادها

في انتصاب الموائد،

تطلق آلاءها

في خاطر الغائبين عن الحفل،

في دمهم،

في انطفاء البياض المبدّد،

مازال

خلف بقايا البنايات،

طفل يقهقه،

يطفئ ظلّه،

مازال يحمل أثقاله،

يتلاشى

على وقع أقدامه الدّامية،

يلفّ الظّلام المشارف،

تعلو الظّلال

و يعلو

إلى شجر سارح

في مسارح وثبته الطّفل،

يفشي

على صفحة النّهر أسراره،

تسرّح

أسرابها الطّائرات،

و يسرح

في رقصة المطر العسكر،

و تعرى الملامح

في حفلة الأقنعه،

السّماء العليّة

تفّاحة تتدلّى

من الشّجر الخافت،

السّماء العليّة

تفّاحة تتدلّى

من الوثبة القاحله،

السّماء العليّة تعلو،       

و تعلو

إلى غصنها الذّائب الطّائرات،

تذوب الملامح،

مازال

فوق سماء النّهايات،

طفل صريح يسرّح نظرته

بالأفق الأحمق،

و ينفلت الماء بين أصابعه،

السّماء الّتي اخترقت أفق الوردة،

السّماء الّتي ارتفعت،

السّماء الّتي بلّلت عشبها القانت،

السّماء الّتي انطفأت،

و يعلو التّراب

إلى دمه الخافت،

  السّماء الّتي انتظرت،

السّماء الّتي انتصرت،

السّماء الّتي

أثّثت دهشة الشّبح الخافت

في الرّؤى

تتضاءل،

كأنّ بيان الحديقة ذاكرة للغياب،

كأنّ الخطى

مطر صاعد

في عنان التّراب،

كأنّ الملامح تخفي صباحتها

في مرايا الصّباح المحارب،

مازال

فوق سماء الجنوب الخفيضة،

طفل يعدّد

ما يتناثر من عوسج

يتأجّج خلف المدى،

و مازال يجري

على حافّة الأرض

أشباح قتلى،

كأنّ الرّماد

يحاول أن يستردّ البقايا،

كأنّ الرّماد

يحاول

أن يتسلّق ذاكرة الطّفل،

يفشي هواجسه

في صباح المرايا،

كأنّ الصّدى

يتألّق خلف الصّدى،

كأنّ الجداول أجراس أسئلة

تتردّد،

يحتشد الحبّ و الموت

في ليل ساحاتها،

في عناقيد غيمتها،

في مصابيحها الهائمه،

تنشقّ

من نظرة الطّفل

سنبلة

تتضاءل،

تنشقّ من جندل اللّيل

قهقهة تتفتّح

ملء احتفال الضّحايا،

دم الفقراء

يقهقه

أعلى من الخطب،

و ينأى بيان الحديقة

أعلى

من الوردة الخافته،

و تنأى سماء العصافير

أعلى من السّقسقات،

تذوب السّماء

على شفة الطّفل،

مازال

يرشف زرقتها المرّة

و يبدّد فرحته

في التباس الهواجس،

تمتدّ

قاطرة الجوع

ملء انتظار المحطّات،

لمّا

أطلّ على النّهر،

تلمع في الصّدر،

في غيهب الجدول الغابر،

في المدى المتفجّر

جلجلة الجائعين،

و لمّا

يحطّ الغمام

على ساحل النّظرة الغائمة، 

يطلق النّاي شلاّل أحزانه

بالينابيع،

يطّرد الطّفل،

يطّرد

في انطفاء الأنـى المتبقّي من الغيم،

يطّرد

في اضطرام الأنـى المتبقّي من الوهم،

يطّرد

في انبلاج الخراب الخراب العظيم،

و يطّرد

في مرايا الصّباح

صباح الجنود،

يبادر أعشابه بالتّحايا،

و يلقي

على جوقة الجائعين

صفير الهواجر،

يلقي تباشيره

في سماء الحناجر،

يحتشد الغائبون

على صفحة النّهر،

يحتشد الجائعون

على حافّة الأرض،

تكتظّ أقمارهم

و تكتظّ صيحاتهم

بالصّدى،

تبيّن للماء سلسال أخطائه،

هي الشّمس

دامية في البدايات،

دامية في النّهايات،

شاهقة في انبلاج الجنود،

هي الشّمس

ذائبة في ذرى الحفل،

في أبد الوردة،

في انطفاء الشّذا،

في خيال الحديقة،

يخفت

في أفق النظرة الوارفه،

ينهض الطّفل

بالأفق الأحمق،

يتمادى،

و مازال

فوق سماء النّهايات

طفل نحيف

يسابق أقماره،

مضى زمن من دم الغائبين،

و من دم غابر

في امتداد الغبار،

مضى زمن من دم الجائعين،

و من دم مقمر

في سماء القرار،

مضى زمن من دم الظّامئين،

و من كوثر

يتهادى على تربة

ترتمي في سماء الوقار،

مضى زمن من قفار،

و من مهمه هائم

في خيال النّهار،

يسرّح نظرته الطّفل

خلف خيول السّماء المديدة،

يمضي إلى تينة

تنحني في انبلاج المغيب،

و مازال

يجري على حمرة الشّطّ

أعلى من الخطوة الدّاميه،

تذوب السّماء

على حافّة الأرض،

أطرافها

مدن من نحاس،

و أبوابـها شهب،

تسدل الأرض أخطاءها،

و مازال

يدنو من الشّجر المهمل

في التباس الهواجس،

مازال يعلو

إلى حفلة القمر المثقل

بالخيال

خيال الحديقة،

هل بدّدت عجلات الجنود

سماحة أسحاره؟

هل تلاشت

على راحة الورد

ذاكرة العطر؟

هل بدّدت طلقات السلام

سماوتها

و الدّنـى؟

تمدّ الحقول

سنابل أعوامها القاحله

من تراب البداية،

تمتدّ

من بيدر

غابر

في انطفاء اللّقاء،

تمدّ الحقول موائدها

في امتداد الهشيم،

و يجري

على حافّة الأرض،

يجري

على حافّة الموت

أشباح قتلى،

كأنّ السّنابل

تركض في رحلة الغيب

دامية القدمين،

كانّ الضّياء

يرتّق راياتها الرّثّة،

و ينبجس الطّفل

ينبجس الماء،

مازالت الأرض غائمة

في مهبّ سماء

تؤجّ بها الطّائرات،

و ينحدر الغائبون

إلى تربة

تتوجّع

في حفلها الكائنات،

هنا كانت الأرض تسعى إلى الماء فوق السّماء، هنا كانت الأرض رؤيا، و كان النّخيل، و كان الهديل، و كان النّهار يسيل إلى شاطئ النّاس مشتعل الخطو، مبتسما في انبلاج المغيب،

هنا كانت الأرض ذاكرة ترتمي في خيال التّراب مبلّلة بالنّوايا.

هنا كانت الأرض ملقى لأطفالها في الشّذا، في النّدى، في الغناء الصّباحيّ، في الجدول الذّائب، في الضّياء الخصيب.

تذوب السّماء

على شفة الطّفل،

و الأرض

تعلو إلى الهاويه،

و تعلو المجاري

إلى سقف أمنية

ترتمي في عنان التّراب،

و مازال

خلف جدار الحديقة،

ورد يرتّق حمرته الرّثّة،

و يمتدّ في الشّجن،

و يمتدّ في الدّمن،

و يمتدّ

في صيحة الرّيح،

في أفق شقّه التّعب،

و تنشقّ من شجر عائد

من صباح الحروب الحزين،

و تنشقّ

من شجر غابر

في مهبّ اليقين،

سماء رماديّة

ترتمي

في احتفال الرّذاذ،

تطلّ على غيهب الأرض،

تلقي على كلّ واد سلاما،

يكاد الرّماد

يبدّد

في كلّ إشراقة غربة

و ملاذا،

و مازال

فوق سماء النّهايات،

طفل فصيح

يبدّد أكذوبة الكوكب الآفل،

و ينبجس اللّيل،

يحتشد الغائبون على صفحة النّهر،

ينبجس القفر

من دهشة الشّجرات،

و ينطفئ الماء

في نظرة الطّفل،

ينطفئ الطّفل

في نظرة الماء،

ينطفئ الماء

تحت لحاف الجفاف،

تعرّي مدارج أعشابها الأرض،

تنخفض،

تهبّ على الشّجر السّارح

في انطفاء المسارح

ريح سماويّة،

يطلق النّهر أسراره

في سناها،

و تنشقّ من نظرة الطفل

سنبلة

يسرح الظّلّ

خلف أطيافها السّارحه،

و مازال

يسرح

خلف مسارح نظرته الطّفل

يرفع جمجمة تتألّق صيحتها

في سماء رماديّة

ترتمي في العدم،

كانت الأرض

شاهقة في الصّدى،

كانت الأرض

شاهقة

في احتفال الحناجر،

كان البياض العميد

يجيّش قدّاسه

في انطفاء الدّنـى،

كانت الأرض رؤيا

تسرّح أقداحها بالنوى،

كانت الأرض أرجوحة،

كانت الأرض تفّاحة،

كانت الأرض

ذاكرة

و ملاذا.

تغوص

سماء الجنوب البعيدة

في حمرة الشّطّ،

تدنو الأزاهير

من ملمس الغائبين،

و تدنو الأيادي

من الدّم المتصاعد،

تدنو السّماء من الشّبح الخافت،

تتلاشى،

و مازال

فوق سماء الشّقائق،

أشباح قتلى

يصوغون حرّيّة الموت

خلف سياج الحديقة،

تدنو يداي

من القمر الذّائب

في انطفاء الشّقائق،

تدنو خطاي

من الشّبح الخافت،

و تدنو ملائكة الحفل

من شجر الزّيزفون الحزين،

و تدنو السّماء من الأرض،

تفشي سماوة أفكارها

في التباس الهواجس، 

ترشف زرقتها المرّة،

و تعلو

إلى حفلة الأرجوان المبدّد،

تعلو

سماء الجنوب البعيد

إلى شرفات نهار

يبشّر قتلاه

بالشّفق المتورّد،

تعلو

سماء الجنوب البعيد

إلى شرفات نهار

يشيّع أطرافه

خلف أرض

تهيم على وجهها الهائم

في انطفاء الشّقائق،

مجبولة من دم الغائبين،

و مجبولة

من سماء السّواعد،

تعلو

سماء الجنوب البعيد

إلى شرفات نهار

يبشّر غرقاه

بالقبس الغارق،

يخفت الماء

بالشّهقة الشّاهقه،

و المدى يتضاءل

أنت هناك

تلملم أشلاءك،

و ترفع أقلامك الدّامية،

لعلّك

مازلت مقتنعا بانتصار السّنابل،

أنت الصّدى،

تتذكّر ما قاله القلب

تعلو

إلى وجهك الخافت

في صباح المرايا،

لعلّك

مازلت مقتنعا بانتصار البلابل،

أنت المدى

قمر صادح

في انطفاء الظّلام،

و أنت المدى،

شبح واضح

في التباس الكلام،

و أنت المدى،

تزاول أحزانك

و الغرق،

تسرّح

في الهمهمات النّجيّة آذانك

و الأفق،

لعلّك

مازالت مقتنعا

بانتصار القصائد،

أنت المدى،

مطر يحتفي بالمدى

ترتّق أحلامك الرّثّة،

و مازال

فوق سماء الجنوب السّحيقة،

طفل يرتّق أحلامه.

و لمّا

تذوب السّماء على شفتيه،

و لمّا

يذوب البيان المبدّد،

يغمض شبّاكه اللّيل،

يقطر

من نظرة الطّفل ضوء ضئيل،

يذوب الخيال،

تذوب الدّنـى

خلف أرض معذّبة،

يوقظ الفقراء خيال حديقتهم،

و يصوغون في كلّ ساح

صباحا من الأقحوان

تهيم تضاريسه

و السّراب،

و ينهلّ

في القسمات المغيب،

يعرّش أغصانه اللّيل،

هل يهجع الحبّ

في قولة القلب؟

هل يهجع اللّهب

في الوجيف؟

و يكتظّ سوق المدينة

في ليلها الجارف،

و تكتظّ بالغائبين الشّوارع،

يكتظّ سوق المدينة

في حفلها الوارف،

يذرّ الرّماد مداه

على شجر خائف

يتلفّت ذات اليمين

و ذات الشّمال،

و تلمع

في غيهب النّهر،

عند انبلاج الجنود،

سماء من السّقسقات يردّدها الطّير،

تلمع

في دمعة اللّيل،

عند انبلاج الهشيم،

سماء من الأغنيات يردّدها الطّفل،

مازال فوق سماء الجنوب السّحيقة،

طفل صريح يسرّح أنّاته،

و تكتنف اللّيل ذكرى

صباحيّة البوح،

تكتنف الماء رؤيا

سماويّة المدّ،

يشعل

قدّاس أوجاعه الطّفل،

يعلو

إلى غنّة الوتر السّارح

في التّباريح،

يقتبس الماء رقراقه،

في انطفاء المشارف.

تذوب الشّعاب مفتّحة في خيال الخرائب أبوابها، تذوب السّماء مرفرفة في ذرى الورد راياتها.

و ينطفئ الطّفل ملء انطفاء القلوب، و يشتعل الخيل ملء اضطرام الغروب، هو الحبّ أوّل ما صاغه الماء، أوّل ما قاله القلب.

هل يفتح الطّفل شبّاكه

في الظّلام

ليقطف

تفّاحة الموت؟

هل يطلق النّهر

سلسال أفراحه

في ذرى السّدف؟

و هل يقرع الماء

أجراس أشواقه

في المدى الوارف؟

و مازال فوق سماء الجنوب السّحيقة

طفل صريح يسرّح أنّاته،

و يصوغ هواجس أسحاره

بالبيان المبدّد،

لا بدّ

للطّفل من وتر دافق 

كيّ يصدّق أكذوبة الماء،

لا بدّ

للطّفل من أفق شاهق

كي يصدّق أكذوبة الغيم،

لا بدّ

للطّفل من قمر مرهق،

كي يصدّق أكذوبة الحلم،

ينطفئ اللّيل،

يمتدّ

في جولة الجود

ملء الجوى،

يتجوّل،

يمتدّ

ملء الثرى

يرتمي في العناقيد،

يمتدّ

ملء الأسى

يحتسي سكره

في انطفاء الدّنى،

في انبلاج العساكر.

ينطفئ الماء،

و القلب

يطلق أوّل قافلة

لطيور المحبّة،

ينطفئ اللّيل،

يطلق أقداحه،

يوقظ الطّفل مصباحه،

و ينطفئ اللّيل،

يطلق أوّل قاطرة

في طريق العدم،

و ينطفئ اللّيل،

يطلق

أوّل جلجلة في الجوى،

و مازال ليل المجاعة

يشنق في غابر الحلم إنسانه،

و مازال ليل الحديقة

يرفع آذانه،

هو الحبّ

أوّل ما صاغه الماء،

أوّل ما قاله القلب.

حمّام الأنف خريف 2008

صدر للشّاعر عمر سبيكة :

عن دار الإتحاف للنّشر:

عناق ( شعر ) سنة 2001

الأرض تركض خلف خطاها ( شعر ) سنة 2001

كليم الورد  ( شعر ) سنة 2003

أفق النّاي ... جناح القطا ( شعر ) سنة 2005

عن دار سنابل للنّشر و التّوزيع :

قتلى ... حتّى مطلع الأرض ( شعر ) سنة 2007.

بيان الحديقة

نصّ شعريّ

للشّاعر التّونسيّ عمر سبيكة

يصدر عن دار سنابل للنّشر و التّوزيع بسليانة

تونس

2009

الطّبعة الأولى 1000 نسخة.

جميع الحقوق محفوظة للمؤلّف

 

17 octobre 2010

Bienvenue au blog de Amor Sbika

Bienvenue à mon blog,

je suis Amor Sbika, poète et cinéaste tunisien,

je suis dans l'attente de vos remarques, vos critiques et vos quetions.

Publicité
Publicité
liberté
Publicité
Publicité